الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 - 20:59
قائد الثورة: ما تريده أمريكا ليس تفاوضًا بل فرض وإملاء

وكالة الحوزة - أكد قائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي خلال كلمة تلفزيونية أنّ ما تريده الولايات المتحدة من إيران "ليس تفاوضًا بل فرض وإملاء"، مشددًا على أن التفاوض مع واشنطن بشأن الملف النووي "طريق مسدود تمامًا"، ومحذرًا من أن الاستسلام للتهديدات الأمريكية يقود إلى مطالب متغطرسة لا تنتهي.

وكالة أنباء الحوزة - ألقى قائد الثورة الإسلامية مساء اليوم كلمةً موجّهةً إلى الشعب الإيراني، تناول فيها موضوعاتٍ مهمّةً من قبيل «وحدة الشعب الإيراني وتماسكه في حرب الأيام الإثنا عشرة»، و«شرح أهميّة تخصيب اليورانيوم»، و«تبيين المواقف الراسخة والحكيمة للشعب والنظام في مواجهة تهديدات أمريكا».

وأشار سماحته في القسم الأوّل من حديثه إلى «الاستخدامات المتنوّعة لليورانيوم المخصّب في الزراعة، والصناعة والمواد، والبيئة والموارد الطبيعيّة، والصحّة والعلاج، والتغذية، والبحث والتعليم».

وأوضح قائد الثورة الإسلاميّة في معرض شرحه لنشوء صناعة التخصيب في البلاد قائلاً: «لم نكن نملك هذه التكنولوجيا، ولم يكن الآخرون يؤمّنون احتياجاتنا أيضاً، ولكن بجهود عددٍ من المديرين ذوي الهمم، والمسؤولين والعلماء، بدأنا التحرّك قبل أكثر من ثلاثين عاماً، وها نحن اليوم في موقعٍ متقدّم في مجال التخصيب».

ولفت سماحته إلى أنّ هدف بعض الدول من التخصيب بنسبة 90% هو تصنيع السلاح النووي، وقال: «نحن بما أنّنا لا نملك سلاحاً نووياً وقرارنا هو عدم تصنيع هذا السلاح وعدم امتلاكه، فقد رفعنا التخصيب إلى 60%، وهو أمرٌ جيّد للغاية».

كما وصف الإمام الخامنئي إيران بأنّها واحدة من بين عشر دولٍ في العالم تمتلك صناعة التخصيب النووي من أصل أكثر من مئتي دولة، وقال: «إلى جانب تطوير هذه التكنولوجيا المتقدّمة، فإنّ العمل الكبير الذي قام به علماؤنا هو إعداد الكوادر؛ بحيث يوجد اليوم عشرات العلماء والأساتذة البارزين، ومئات الباحثين، وآلاف الكوادر المدرّبة في التخصّصات المرتبطة بالشأن النووي يعملون ويجتهدون، بينما يتوهّم العدوّ أنّه عبر قصف بعض المنشآت أو التهديد بقصفها سيقضي على هذه التكنولوجيا في إيران».

وأكد قائد الثورة الإسلاميّة، مشيراً إلى عقودٍ من الضغوط العقيمة التي مارستها القوى المستكبرة لإجبار الشعب الإيراني على الاستسلام، ودفع البلاد إلى التخلّي عن التخصيب، قائلاً: «لم نستسلم في موضوع التخصيب ولن نستسلم، ولن نرضخ للضغط في أيّ قضيّةٍ أخرى أيضاً».

وقال سماحته: «الأمريكيون كانوا يقولون سابقًا لا ترفعوا مستوى التخصيب، وانقلوا المنتجات المخصّبة إلى خارج إيران؛ أما اليوم فإن الطرف الأمريكي أصرّ على موقف واحد وهو ألّا يكون هناك تخصيب لديكم أصلًا».

وأكد الإمام الخامنئي: «معنى هذه البلطجة هو أنّ هذا الإنجاز الكبير الذي حقّقتموه بالاستثمار والجهود المتواصلة يجب أن تذروه في الهواء! لكن الشعب الإيراني الغيور لا يقبل بهذا الكلام، ويصفع قائله».

وفي المحور الثاني من كلمته، بيّن قائد الثورة الإسلامية عبثية التفاوض مع أمريكا، وقال: «لقد حدد لنا الطرف الأمريكي سلفًا نتائج المفاوضات من وجهة نظره وأعلنها، فقال إنه يريد مفاوضات نتيجتها تعطيل الأنشطة النووية والتخصيب داخل إيران».

وأضاف سماحته: «إنّ الجلوس إلى طاولة مفاوضات كهذه معناه قبول إملاءات الطرف المقابل وتعسّفه. طبعًا، لقد تحدّثَ [ترامب] عن إيقاف التخصيب، ولكن أحد مسؤوليهم قال قبل أيام: يجب على إيران ألّا تملك حتى صواريخ متوسطة أو قصيرة المدى، أي أن تُكبّل أيدي إيران وتُفرغ، حتى إذا تعرّضت إلى اعتداء، فلا تستطيع أن تردّ ولو على قاعدة أمريكية».

ورأى الإمام الخامنئي أنّ هذه التوقّعات والتصريحات الصادرة عن المسؤولين الأمريكيين هي دليل على جهلهم بالشعب الإيراني والجمهورية الإسلامية، وجهلهم بفلسفة ومبادئ ونهج إيران الإسلامية، وقال: «هذه الأقوال أكبر من أفواه قائليها ولا تستحق الاهتمام».

وبعد أن شرح قائد الثورة الإسلاميّة عبثيّة التفاوض مع أمريكا، انتقل إلى شرح أضراره وقال: «هدّد الطرف المقابل قائلاً إن لم تتفاوضوا فسنفعل كذا وكذا، وبالتالي فإنّ قبول مثل هذا التفاوض يُعَدّ دليلاً على وجود قابليّة للرضوخ للتهديد، والخوف والارتعاد، واستسلام الشعب والبلاد أمام التهديد».

ووصف سماحته الاستسلام أمام تهديد أمريكا بأنّه سببٌ لاستمرار مطالبها المتغطرسة واللامتناهية، وأضاف قائلًا: «يقولون اليوم إذا واصلتم التخصيب سنفعل كذا وكذا، وغداً يتّخذون امتلاك الصواريخ أو إقامة علاقة أو عدم إقامتها مع بلدٍ ما ذريعةً للتهديد والإجبار على التراجع».

وأكّد الإمام الخامنئي: «يرفض أيّ شعبٍ شريف التفاوض تحت التهديد، ولا يؤيّده أيّ سياسيّ حكيم».

ووصف قائد الثورة الإسلامية وعود الطرف المقابل بمنح الامتيازات في حال القبول بمطالبه بأنّها كاذبة، مشيراً إلى تجربة الاتفاق النووي، وقال: «قبل عشر سنوات أبرمنا اتفاقاً مع الأمريكيين يقضي بإغلاق مركزٍ للإنتاج النووي، وإخراج المواد المخصّبة من البلاد أو تخفيفها، مقابل رفع الحظر وإعادة ملفّ إيران في الوكالة الدوليّة للطاقة الذرّية إلى حالته الطبيعيّة، لكن اليوم وبعد انقضاء تلك العشر سنوات لم يُعَد ملفّنا النووي إلى طبيعته فحسب، بل ازدادت مشاكله في مجلس الأمن والوكالة الدولية للظاقة الذريّة».

وعدّ الإمام الخامنئي عدم نسيان التجارب أمراً ضروريّاً، مضيفاً: «الطرف المقابل، الذي هو حالياً محور حديثنا، أي أمريكا - لا أريد الآن أن أطرح مسألة أوروبا - هذا الطرف المقابل لنا يُخلف وعوده في كل شيء، ويكذب في كل شيء، ويمارس الخداع. يُطلق التهديدات العسكرية في كل حين، ومتى ما استطاع يغتال شخصيّاتنا كقائدنا العزيز سليماني أو يقصف مراكزنا، فهل يمكن التفاوض مع طرفٍ كهذا واللقاء به بثقة واطمئنان؟».

وشدّد قائد الثورة الإسلاميّة قائلاً: «برأيي، إن التفاوض مع أمريكا بشأن القضية النووية، وربما بشأن قضايا أخرى، هو طريق مسدود تماماً».

وأوضح سماحته أنّ المفاوضات مع أمريكا في ظل الظروف الحالية لا تعود بالفائدة إلّا على الرئيس الأمريكي الحالي، إذ يستغلّها للاستعراض والإيحاء بأن تهديداته نجحت في إجلاس إيران إلى طاولة التفاوض.

وأكد الإمام الخامنئي أنّ السبيل الوحيد للعلاج وتقدّم البلاد إنّما يكمن في أن نصبح أقوياء في جميع الأبعاد؛ عسكريًا، علميًا، حكوميًا، وبنيويًا، وأضاف: «إذا أصبحنا أقوياء فلن يجرؤ الطرف المقابل حتى على التهديد».

ولفت قائد الثورة الإسلامية في محور آخر من كلمته إلى أنّ «اتحاد الشعب كان العامل الأساس في يأس العدو في الحرب الاثني عشر يومًا»، وأضاف: «إن اغتيال القادة وبعض الشخصيات المؤثرة كان وسيلة استخدمها العدو لارتكاب أعمال شغب وفوضى في البلاد، ولا سيّما في طهران، عبر عملائه، من أجل شلّ إدارة الدولة واستهداف أصل النظام، ثمّ التمهيد لاحقًا لاجتثاث الإسلام من هذه البلاد».

وأكّد قائد الثورة الإسلامية أنّ تعيين خلفاء للقادة الشهداء بسرعة، والصلابة والروح المعنوية العالية لدى القوات المسلّحة، وإدارة شؤون البلاد بانضباط وانتظام، كانت من العوامل المؤثرة في هزيمة العدو، مشدّدًا على أنّ العنصر الأكثر تأثيرًا في إفشال العدو كان وحدة الشعب وتماسكه.

وتابع الإمام الخامنئي: «النقطة المهمة هي أنّ تلك الوحدة المصيرية ما زالت قائمة، وهي فعّالة للغاية».

وأكد قائد الثورة الإسلامية أنّ إيران اليوم هي نفسها إيران يومي 13 و14 حزيران الماضي، وأضاف: «كانت الشوارع تعجّ بالحشود والشعارات الصاخبة ضد الصهيوني الملعون وأمريكا المجرمة، وهو ما عكس وحدة الشعب وتماسكه، وهذه الوحدة ما زالت موجودة وستبقى».

وفي بداية كلمته، أشار سماحته إلى الذكرى السنويّة لاستشهاد السيّد حسن نصر الله، واصفًا ذلك المجاهد الكبير بالثروة العظيمة للعالم الإسلامي وللتشيّع وللبنان، وقال: «إنّ الثروة التي أوجدها السيّد حسن نصر الله ـ بما فيها حزب الله ـ باقية»، وأردف قائلًا: «إنّ حكاية حزب اللّه في لبنان هي حكاية مستمرّة، فلا يجوز الاستهانة بحزب اللّه ولا الغفلة عن هذه الثروة المهمّة. فهو ثروة للبنان ولغير لبنان».

المصدر: موقع KHAMENEI.IR الإعلامي

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha